السبت، 29 أغسطس 2015

ما بين الأبيض و الأسود عدم

"أن أكون الأول أو أن أكون لا شئ"
قرأت هذه الجملة في مذكراتي التي قد كتبتها و أنا صغيرة.. و حينها استطعت تفسير الكثير..

إن ما آلت إليه حياتي من تغيرات و فقدان كان بسبب هذا المنطق تحديدا
أتذكر عندما حللت في المرتبة الثانية في نهاية المرحلة الإعدادية.. لم أكن أصدق نفسي، و ظللت مكتئبة لفترة لا بأس بها
لم أستوعب أنني لست الأولى على المدرسة، و بدلا من زهو التصدر ذقت مرار التبعية، و لم يكن الأمر ليشكل فارقا معي لو حتى حللت في المرتبة الأخيرة..
فبالتالي كانت المرحلة الثانوية مختلفة كثيرا.. عهد جديد من اللا مبالاة و عدم الاهتمام بالدراسة.. فقد سقطت عن المركز الأول بالفعل.

دعكم من الجانب الدراسي.. إن هذه الجملة دمرت حياتي على الصعيد الاجتماعي..
إن كنتم تعرفوني شخصيا، فستعلمون أنني أكره عندما يرتبط أحد أصدقائي بإحداهن.. ليس لأن جميعهم أوغاد، و ضيقي الأفق، و أنذال
بالطبع قابلت مثل هذه العقليات في البداية، لكن السبب الحقيقي كان يصدر مني أنا
أنا طماعة.. كثيرا.. أحب أن أستحوذ على اهتمام الشخص الذي أمامي، و أن تكون لي الأولوية في المكالمات التي يجريها، و المقابلات التي يحضرها
إن "حجمي"الذي أتحدث عنه ينص على أنني لا بد أن أكون الأولى في قلبك أيا كانت مكانتي
فإذا ما ارتبط أحد الأصدقاء، تبدل الحال، و صارت هي كل حياته و عالمه، و أنا؟ أحل في المرتبة الثانية
و أنتم قد عرفتم ماذا تفعل بي المرتبة الثانية
فافتعل الشجارات، و المشاكل، و أفقده عقله و أعصابه حتى أخيرا تنقطع علاقتنا نهائيا
"أن أكون الأول أو أن أكون لا شئ"
و يقال بعدها أن هو الذي تغير.. هو الذي لم يحترم العشرة.. بينما أكون أنا من تسببت بقطع آخر خيط في صداقتنا.

و رغم كل هذا فأنا لم أستطع فعليا أن أكون "حبيبة أحدهم" 
رغم أنني سأضمن المركز الأول في قلبه
إذا ما كنت في علاقة عاطفية يحبني فيها.. لكنني لا أستطيع أن أوليه كل الاهتمام.. لا أستطيع أن أتوج أحدهم ملكا على فؤادي، و لا أمنح أحدهم كل مشاعري، و أجعله كل عالمي
ببساطة ليس هذا من شيمي.. أنا التي أسير ناظرة لهذا و ذاك، مستمتعة بحقيقة أنني يحق لي الإعجاب بشخص و اثنين و خمسة دون الإحساس بالذنب
مستمتعة بسماع الغزل من هذا الصديق و ذاك، و بقول ما أريد وقتما أريد دون أن يحق لأحدهم التدخل في أموري
ليس الأمر أنني لا أستطيع أن أكون بكل كياني لأحدهم.. الأمر أنني لا أريد
و حتى تلك الحالات النادرة التي وصلت فيها مشاعري لأوجها، و صرت مهووسة بالشخص الذي أمامي.. لم تتسن لي الفرصة لأن أكون في علاقة كتلك.. و ربما أنا التي لم أخلق الفرصة..؛ لأنني أخشاها..
فمهما رأيتم فيّ خصال الإيثار و التضحية
أنا أنانية لا تعرف المنطقة الرمادية..
أنا الباحثة عن الكمال.. لن أجده
و المركز الأول لن أدوم فيه.. لذا فأنا في معظم الوقت مجرد.. لا شئ.. لا شئ.

الاثنين، 10 أغسطس 2015

رائحة الموت

كان هربي من حرارة الجو قد دفعني للنوم.. استيقظت، و إذ بها بداية الليل
الحرارة لا تزال عالقة في ذرات الغبار.. في المسافات ما بين الخلايا الحية، و الغير حية، و في أجسادنا، و حتى في ماء الصنبور
اقتربت من الشرفة و أنا في نصف وعيي، و إذ بي أشتم تلك الرائحة.. رائحة مألوفة لكنني لم أميزها للوهلة الأولى، إلا أنني شعرت بالسوء البالغ عندما دخلت تلك الرائحة أنفي.. ليس لكونها رائحة كريهة قدرما أنها قد ذكرتني بإحدى أسوأ الذكريات في حياتي..

للروائح سحر ما.. قدرة عجيبة على نهش ذكرياتك، حتى تلك التي ظننت أنها قد آلت للنسيان منها
ذلك العطر الذي أحتفظ به لعمي كي يذكرني به، و رائحة بعض من أحببتهم التي كنت أميزها من على بُعد أمتار.. لطالما أشعرتني الروائح بالحنين..
أما رائحة اليوم.. تلك الرائحة، فقد كان الشعور بالألم مُضاعفا..
أنت تعلم أن الحنين يؤلم كثيرا.. شعور يمتزع قلبك من أضلاعك، و يتركك خاويا.. 

هذا ما حدث بالأمس.. استيقظت لأجد الصبارة خاصتي قد بدأت في الذبول.. سبقها أيام من الشحوب و الاصفرار في هذا الجو الحار.. حاولت إنقاذها من الجفاف بجرعة ماء مبكرة، لكن ذلك لم ينقذها البتة..
قضيت اليوم كاملا في محاولة البحث عن طريقة لإنقاذها.. سألت الكثير من الأشخاص.. كنت أشعر بالسوء البالغ 
و عندما انتصف النهار غلبني النوم، و استيقظت لأشتم تلك الرائحة
الرائحة التي ذكرتني بهذا اليوم منذ سنوات.. عندما كنت مارة على أحد الحجرات، و خطر لي أن أتفقد السلحفاة خاصتي رغم تفقدي لها من خمس دقائق مضوا..
كانت السلحفاة قد تعرضت لحادثة لن أخوض في تفاصيلها، أو تفاصيل ما حدث لها؛ حيث أن هذا التفاصيل تمزقني و أنا أسردها..
دخلت عليها، و كانت قد توقفتت عن الأنين، و صاحبتها هذه الرائحة الغريبة.. نظرت لها لأجدها ما زالت حية.. إلا أن تلك كانت لحظاتها الأخيرة.. شاهدتها و هي تلفظ أنفاسها الأخيرة، و ما زلت أتذكر وجهها آنذاك..
وقتها.. كنت أشعر بمشاعر مختلطة.. بالطبع ألم من فراقها بعد عشر سنوات كاملة، و أيضا القليل من الراحة.. حيث أنها كانت تتألم كثيرا، فربما لو كان لا بد من الرحيل، فالعجلة فيه رحمة..
و الكثير من الذنب.. شعرت بالكثير من الذنب، و المسئولية حيال ما حدث لها
فلماذا بحق الجحيم أشتم هذه الرائحة الآن؟ حيثما تمكث صبارتي؟

ما زلت أسير في خطوات انقاذها آملة أن تفلح.. لكنني ما زلت أشتم تلك الرائحة اللعينة.. رائحة الموت..

الأحد، 14 يونيو 2015

لم نعد أصدقاء

كنت ابكي اليوم و أنا أقف أمام ضريح صداقتنا .. سار كلانا في طريق، و بت لا تلقي السلام إذا مررت علي
تذكرت كيف كنت تترك أصدقاءك ما أن تراني فقط لتأتي و تلقي التحية

لم نعد أصدقاء..
لا، ليس بسبب شئ مأساوي حدث، ليس لأن أحدنا كان خائنا أو منافقا أو كاذبا
المرة الأخيرة التي حدثتك فيها كنت حادة.. كنت أشعر أنك تتغير معي تدريجيا.. بعدها اخترت انت الخروج من حياتي، و كنت أنا قد سأمت من استرجاعك
ربما ألوم نفسي قليلا لأنني لم أهاتفك حينها.. لم آبه حينها حقا.. كنت قد ضقت ذرعا بكل شئ

لم نعد أصدقاء.. ليس بسبب هذا الشجار التافه. بل لأنني تغيرت -على حد قولك-
لم أفهم يوما هذه الكلمة.. مذ نعومة أظافري و أنا أسمعها، يقولون أنني تغيرت (في عتاب) و أنا لا أفهم لم العتاب
أليس كل شئ يتغير؟ 
المشكلة تكمن في أن كلانا يملك تعريفا مختلفا عن الأخلاق، الصواب، و الخطأ
المشكلة هي أنني ربما أكون صديق سئ حقا.. ربما أنا لا أهتم بما يكفي، أستمع بما يكفي، أو أتسامر بما يكفي
لكنني سأقبلك كما أنت، مهما كنت، و مهما أصبحت
أحاول التفكير في أصدقاء لي خاضوا في رحلة الحياة خاصتهم.. انعطفوا عن البداية، و غيروا اتجاهاتهم.. لكنني لا أتذكر أنني تغيرت مرة واحدة لهذا السبب
أنا لا أعطي ظهري لأحد يأبه لأمري.. لا أعطي ظهري لشخص لا يؤذي أحد
لكن كما قلت.. لكل منا مفهومه، و ربما لذلك لم تعد تتقبلني

للحق فقد فكرت كثيرا في هذا الأمر.. فكرت في الألم الذي يخلفه كل منكم و هو يغادر حياتي بمحض إرادته؛ و لأن هذا خطأ؛ و لأنني شعرت بأنني ضحية للألم، حاولت التفكير في الجناة
هل أنت الجاني؟ برحيلك عن حياتي؟
لكن رغم الألم الذي أشعر، لم أظن ذلك
أعني.. أن لكل شخص كامل الحرية في أن يتواجد قرب من يريد، أو يبتعد عمن يريد
يتعلق الأمر في المقام الأول براحته، و سعادته، و ليس هناك قانونا ما يجبرك على البقاء مع شخص لا تريد البقاء معه
أنا شخصيا أضع راحة بالي في المقام الأول غير آبهة لأي شئ آخر، و فيما عدا ذلك سيعد نفاقا
أليس هذا ما فعلته معي أنت أيضا؟ أليس هذا ما فعله غيرك و غيرك؟
تساءلت.. إن كان هذا حق لك، فلماذا ما زلت أتألم؟

للحق أنك كنت صديقا رائعا، ربما أفضل صديق حظيت به يوما 
كنت صادقا في اهتمامك، في إخلاصك، في تشجيعك..
و أنا لا أذكر أنني كنت بنفس القدر من الروعة.. بل ربما كنت صديقة سيئة 
ما زلت أتذكر كل المرات التي جعلتني أضحك فيها، و ما زلت أحتفظ بغلاف الشيكولاتة التي أهديتني
و ما زلت أشتاق لك عندما أتذكر هذه الأيام.. و ما زلت أبكي
نعم، ما زالت دموعي تسيل على أتفه الأشياء.. لا زلت بنفس القدر من الحساسية، و لا زلت أنا.. إلا أنك ربما لن ترى ذلك
و جميع تلك الذكريات التي أحتفظ بها تجعلني أبتسم أيضا، و تجعلني ممتنة أنني عهدت أيام رائعة كتلك مع شخص رائع مثلك 
و عندها أدركت أن معضلة هذا الألم الذي ينهك قلبي كلما خرج أحد المقربين من حياتي أنا المتسببة فيها
أنا التي لا أفهم كل مرة.. أن لا شئ يدوم
و أن كل الأشياء تتغير و أنا من ضمنها، و العلاقات الانسانية من ضمنها
كيف كنت أدافع عن تغيري و أدعوكم لتقبله، و أنا حتى عاجزة عن تقبله في الاشياء التي تحدث حولي؟
ربما يتعلق الأمر معي بتلك الأشياء التي يتعلق قلبي بها.. ربما لأن هذا ما يهمني حقا، فيصعب علي تقبل التغيير به
لكن هذه هي الحقيقة التي لا ينكرها أحد
 و أن ما يعوقني عن الشعور بالسعادة، و الذي يجعلني غارقة في بؤسي و اكتئابي المزمن هو عدم قدرتي على المضي قدما بسبب ثقل ما أحمله على قلبي 
علمت أن حياة كل منا ليست عبارة عن قصة.. إنها عبارة عن لحظات قد لا تمت لبعضها بصلة
عليك فقط أن تستمتع بأكبر قدر من هذه اللحظات.. و أن تتناسى أمر انتهائها.. 

كان وقتا طيبا لن يتكرر.. فلم دائما أفكر في أنه لن يتكرر، بينما يمكنني التفكير أنني كنت محظوظة لقضائي وقتا طيبا؟

هل سيبدو الأمر سخيفا إن شكرتك؟ لأنني حقا أعني ذلك.. :)

الأربعاء، 20 مايو 2015

رسالة في منتصف الليل


  ترددت كثيرا قبل أن أبعث لكِ بهذه الرسالة
ليس لجبني، بل لأنني خشيت أن أظلمك.. خشيت أن أتهمك بغير ما فيكِ، و أن أبدو كبائس محطم القلب يهذي بكلام لا أساس له من الصحة
لكنني أبعثها الآن، و بكل ثقة من كل حرف كتبته فيها

أكتب هذه الرسالة الآن و أنا أستمع لأغنيتك المفضلة "سوسن- مشروع ليلى" 
لا عجب أنك تحبينها، فقد كنتِ تحبين كل ما يذكرك بنفسك، و تحبين النظر في المرآة بالساعات، و مشاهدة صورك كل يوم، و الاستماع إلى تسجيلاتك، و قراءة كتاباتك
أنتي مهووسة بحب نفسك، و لا لوم عليكِ في هذا.. إنما فقط أنا كنت مخطئا عندما ظننت أنك ستتعلمين أن تحبي أحدا غيرك

الفتاة السابقة التي أغرمت بها لم تستطيع أن تحبني؛ لأنها لم تكن تستطع أن تحب نفسها.. بل لم تكن تصدق أصلا أنني قد أحب شخصا مثلها، ففشلت علاقتنا
لم يكن بوسعي فعل شيئا إضافيا كي أغير من نظرتها لنفسها.. تركتها للأيام علها تصلحها
أما أنتِ.. فكنتِ لا ترين أحدا غيركِ
ربما هناك خطبا ما بي.. لا أعلم لم ألبث أن أنجذب للمتطرفات.. أيها المتطرفة في نرجسيتك

أتعلمين ما الأمر المؤسف؟ هو رأيي حيال حبك لذاتك.. أتعلمين ما كنت أقول عن ذلك؟ أنكِ لا تبالغين، و أنكِ تستحقين هذا الحب، و أن أي أحد كان ليحبك بنفس القدر.. حتى أنا أحببتك بنفس القدر.. فهل ألومك فقط لأنكِ نفس الشخص الذي تحبين؟ لا يبدو هذا عادلا
أعني.. أنكِ رائعة..
أنتِ مضحكة، مثيرة، مُلهِمة، و حساسة، و مليئة بالتفاصيل المثيرة للاهتمام.. و كأن لا نهاية لكِ
كنت أحب طريقة كلامك الساخرة.. كنت أحب عندما لا تأبهين.. و عندما تأبهين.. كان يزداد ولعي بكِ و أنت باكية
و لم أكن أعلم كيف تستطيعين تغيير مزاجي في لحظة بإحدى مزحاتك الارتجالية

لطالما أحببتي البدايات.. فقررتي أخذ البداية من كل شئ، و عدم التعلق بالشئ بما يكفي للوصول للنهاية.. فالنهايات دائمة مؤسفة، و إلا لماذا انتهت؟
لكنكِ كنتِ تحبين الغروب، رغم كونه نهاية اليوم.. لكن ربما لم ترينه كنهاية أبدا.. ربما كنتي تعدينه بداية الليل.. من يدري؟

لم أكن أصدقك و أنا أسمعك تتحدثين عن نفسك بالسوء.. لم أصدق أن هذا الشخص المفعم بالصدق و المشاعر يمكنه أن يجرح بدم بارد
كان الاقتراب منكِ كالحلم.. شعرت أنني لمست السماء، لكنني ما لبثت أن أهوى.. تركتيني أهوى..
لم أستمع لتحذيراتك المتكررة التي كنتِ ترددينها من باب تأدية الواجب.. فقد ككنتي تعلمين أنها لن تبعدني عنك
كنتي بارعة في جعل الآخرين يتعلقون بكِ حتى يصلون لدرجة معينة من التعلق.. حتى يحبونك، و من ثم فدورهم قد انتهى
فما الذي تحاولين اثباته؟ أنكِ قادرة على جعل الجميع يقعون في حبك؟ حسنا نجحتي.. هنيئا عليكِ أشلاء القلوب التي ستتبقى لكِ عندما تصيرين وحيدة.. وحيدة للغاية..
عندما يصدق الجميع تحذيراتك، و كلامك بالسوء عن نفسك
و عندما تُعرفين على حقيقتك، و تتلاشى تفاصيلك الجميلة كلها و كأنها كانت موجودة فقط لتخدم أهدافك في إثبات ما تحاولين إقناع نفسك به

مر الكثير من الوقت مذ أن التئمت جراحي.. أكتب هذه الرسالة و أنا لا أشعر بأي شئ.. إلا بالشفقة عليكِ ربما
أصررت أن أكتبها بعد أن أتعافى فقط لأخبرك أنني و من هم مثلي يستطيعون التعافي و المضي في حياتهم، أما أنتِ فستعيشين في بؤسك للأبد
أعلم أنكِ لن تميزين من أنا من بين من جرحتِ.. أعلم عددهم.. لكنني لن أوقع على الرسالة رغما عن ذلك.. سأتركك لفضولك، و ضميرك، و سأجعل ماضيكِ الذي تكرهين تذكره يطاردك.. سأترككِ تنبشين في ذكرياتك المنسية التي تذكرك بالوحش الذي أنتِ عليه.. 
نوما هنيئا عزيزتي.

الجمعة، 3 أبريل 2015

خيانة..

كنت تخونني كل هذه المدة و أنا صامتة
تخونني مع نومك، و مع عزلتك
و مع حاسوبك أحيانا
تخونني بإهمالك، و برودك
أظننت أن الخيانة فقط في معاشرة امرأة غيري..؟

الخيانة هي أن تبتسم في وجهي ابتسامة زائفة كل يوم قبيل هرولتك للعمل
و أن تعطيني ظهرك في الفراش
و أن ترفض تناول الطعام الذي أعده لك كل يوم بحجة أنك تناولت بالخارج

الخيانة هي أن تهجرني بقلبك فجأة
و أن تكون هذا الحاضر الغائب
و أن تجعلني أشعر أنني مسجونة وحدي.. و عالقة في الأسئلة، و الشكوك
فعلى الأقل.. حررني!

الخميس، 15 يناير 2015

هل حاجتنا إلى الله تحتم وجوده؟ (1)

"إذا قذفت بثلاثة أشخاص في البحر.. أحدهم مسلم، و الآخر مسيحي، و الثالث ملحد.. فسيصرخون جميعا "يا رب" و هم يحاولون مقاومة أمواج البحر العاتية"
كنت أسمع هذه القصة كثيرا و أنا صغيرة، و كنت أومئ برأسي مقتنعة أن هذه أحد أدلة وجود الله، و أن من ينفي ذلك يخالف الطبيعة، و أنه لو استرشد أحدهم بفطرته سيعلم بلا أدنى شك أن الله موجود

ثم كبرت، و تكاثرت الأسئلة في رأسي.. أسئلة كثيرا ما اتُهِمت بالكفر بسببها، و تعرضت للتعنيف لمجرد طرحها
بينما رفضت أن أقتنع أن عقلي غير قادر على الوصول لأسئلة طرحتها.. يقولون أن الشيطان هو من أوحى لي بها! كلا، إنه عقلي!


عندما نظرت إلى عينيّ تلك العجوز الثابتتين و هي تخبرني عن زوجها المتوفى، كادت أن تذرف دمعة و هي تنهي رواية لقاءهما الأول، لكنها تداركت عندما رأت نظرة الشفقة في عيني، و بطبيعتي المرهفة اغرورت عيناي بالدموع، فوضعت يدها على كتفي و هي تقول في يقين: "لا داعي للحزن يا عزيزتي.. صحيح أنني أفتقده كثيرا، لكنني سألقاه قريبا في الجنة"
و ابتسمت، و رحلت.
جعلني هذا الموقف أفكر مطولا في هذا الأمر.. 
حقا إن ما يجعل الموت هينا هو إيمان الناس بوجود حياة أخرى.. حياة أبدية منصفة مليئة بالسعادة اللامحدودة وسط الأحباب
-فكرة اللقاء في الحياة المقبلة يجعلك تتخطى أمر من فقدت
-فكرة الحياة الأخرى أيضا قد تدفع البعض إلى فعل الأمور الخيرة، أو تجنب فعل الأمور التي تغضب الإله
-و قد تجعل المظلوم يتحمل الظلم مفَكِرّاََ أن هناك من سينصفه في السماء، و أنه لو لم ينصَف في هذه الحياة، فسيأخذ حقه حتما في الحياة المقبلة
-و ربما في لحظات العجز قد يود الناس أن يؤمنون بوجود من هو قادر على كل شئ.. الله، و ربما يودون أن يؤمنوا أن هناك من يسمع صلواتهم، و يستجيب لها
-و لأن الحياة ليست عادلة في كثير من الأحيان، يميل الناس أحيانا لنبذها، و لتفسير عشوائيتها، و ظلمها بأنها فانية
-فكرة الحياة الفانية تظل غير مكتملة في الأذهان.. هناك شئ ناقص.. هذه الحلقة المفقودة تحل محلها فكرة الدار الآخرة لتظهر الصورة النهائية، و هي أن هذه الحياة مؤقتة، و الحياة الحقيقية ستأتي عقب الموت
مرة أخرى يتم تفسير الموت على أنه بوابة عبور، و يرفض الناس التفكير -مجرد التفكير- في أن الموت لا يعني ما هو أكثر من تعفن أجسادهم تحت التراب
رغم أن لا أحد من الأحياء الذين يتحدثون الآن قد مات، و جاء ليخبرنا ما حدث عقب موته
-و هنا يأتي دور الاديان.. الأديان تخبرك بالتفصيل ما سيحدث عقب الموت، و عن طريقة الحساب، و حتى عن تفاصيل العذاب كما في الإسلام، و تفاصيل النعيم
-و لأن من المُرهِق جدا أن تقضي حياتك برمتها و أنت تفكر في مغزى وجودك.. يأتي الدين مرة أخرى ليطلعك أن هذه الحياة الدنيا اختبار، و  أن حسب طريقة عيشك ستؤول للنعيم، أو الجحيم
-و يطلعك الدين بالتفصيل على كيفية عيشك لحياتك، و على ما يجب أن تفعل، و ألا تفعل
هذا الكتاب السماوي قيل لنا أن نعتبره كدليل استخدام "كتالوج" .. اتبع التعليمات و ستكون بخير الآن، و بعد. 
-فكرة الحياة الأخرى أيضا قد تجعل الاستشهاد من أجل الوطن سهلا، و أحيانا قد تجعل من فكرة الحياة شيئا بخسا تافها على هذه الأرض، فترى من المحارِب الشجاعة و الاستبسال (أو.. من يعلم، ربما يريد فقط الحور العين)

و هنا يأتي السؤال.. هل فكرة الإله الذي يوفر لنا الحياة الأخرى هي مجرد مخرج لأذهاننا العالقة في هذا الواقع؟ أم أننا نتوصل إليها بالفطرة حيث أنها حقيقية؟ أم أنها تعلق بأذهاننا فقط بسبب رواية الأديان لها؟

حتما سمعتم عن المثل الشهير "الحاجة أم الاختراع" و الذي يتم تطبيقه عادةََ على الاختراعات المادية
لكن دعونا نجرب -لمجرد التجربة- أن نطبقه على الأفكار
هل يمكن أن يخترع عقلك "فكرة" لمجرد أنها مريحة؟
و هل يمكنك تصديقها حتى لو لم تكن حقيقية فقط لأنها مُريحة، بل و إقناع الناس بها استنادا على عدم راحتهم فيما يتعلق بالأفكار الأخرى؟
ماذا لو أن هذا ما يحدث حقا بالنسبة لفكرتنا عن العالم الآخر؟
هل حقا نتوهم كيلا نعترف أن هذه الحياة هي الفرصة و الحياة الوحيدة؟ 
لكن، و مع ذلك.. لماذا تبدو هذه الفكرة دونا عن باقي الأفكار مُرضية جدا؟ أهي حقا الإجابة التي يصبو إليها عقلي؟ أهو "اليقين"؟

الله.. أهو فكرة صنعناها نتاج حاجتنا؟ أم أنه حقيقة لا شك بها، و هذا يفسر حاجتنا إليه؟
تريدون رأيي؟
دعكم من رأيي.. ماذا عنكم أنتم؟

--يُتبَع--

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

لن أبكي الليلة تحت الشراشف

دائما ما أترك اختيار العنوان لحين الانتهاء من كتابة الموضوع.. اليوم فقط بدأت بكتابة العنوان دون أن يكون لدي فكرة كافية عما سأكتبه
فدعوني أحدثكم قليلا عن ليلة رأس السنة

هل هي صدفة أنني أقضي هذه الليلة من كل عام باكية؟ أم أنني أخطط لذلك في مراسم غريبة من الحزن و الكآبة؟
هل أقرر في آخر يوم من السنة أن أستعيد ذكرياتي السيئة طوال العام، و أندب حظي بسببها؟
على الرغم من شخصيتي التي تميل للسواد، و الكآبة، فلا.. ليس هذا ما يحدث
كان يصدف فقط أنني أكتشف أنه في عالم موازِِ يقوم أحدهم الآن بتقبيل حبيبته التي يرجو قربها لمزيد من الوقت، بينما أنا لا أزال أواجه نفس المشاكل السئيمة، و أتعرض للغدر، و الهجر، و الرياء
هذا طبيعي، الجميع يتعرض لهذا، حتى ذلك الشاب الذي يقبل حبيبته الآن قد تعرض لأكثر من هذا
الصدفة فقط تكمن في توقيت حدوث هذه المشاكل.. تحديدا ففي نهاية كل عام لم أكن سعيدة أبدا

العام الماضي قضيته باكية لأنني رأيت وجها آخر من شخص أحببته كثيرا
و العام الذي يسبقه قضيته في نفس الحالة؛ لأن الشخص الذي اهتممت لأمره حقا قرر عقد خطبته على حبيبته السابقة.. لم يستطع نسيانها 
و أذكر أن هناك ليلة قضيتها في رأس السنة و أنا أدرس الرياضيات.. لم أكن أبكي فقط، بل كنت أنتحب

أستطيع أن أقنعكم بأن الصدفة هي التي جعلت من كل ليلة قبل مطلع العام بهذا السوء
أو أستطيع فقط الاعتراف بأنني لم أكن حقا أبذل الجهد الكافي لإسعاد نفسي

لكن ما يجعلني فخورة حقا هو أنني تغيرت بقدر لا بأس به
علمت أنني لا أحتاج لقوى خارقة للطبيعة للتسبب في إسعادي
و أن سعادتي يمكن إيجادها مع نفسي، و ليس فقط مع الآخرين
و أن هناك العديد و العديد من الأشياء في العالم،  الكبيرة منها و والصغيرة، لكن بوسعها جميعها إسعادي

ربما أدركت أخيرا في 2014 أنني ربما بالغت في تقديس الكآبة
و أنه على الرغم من أنني لا أزال أؤمن أن الحُزن من أصدق المشاعر على الإطلاق، لكنه يمكنني أن أشعر بمشاعر أخرى بنفس الدرجة من الصدق.. كالفرح، و الحٌب، و الدهشة، و الشغف
كنت أخشى أن قلمي لا يستطيع التعبير إلا عن الألم، و المعاناة.. ربما لذلك كنت أخشى الخروج من هذه الحالة في أحيانٍ كثيرة
لكن.. ألا يستطيع قلمي التعبير عن اشتياقه لشخص ما؟ أو حُبه لشخص ما؟ أو رغبته في شئ؟ أو الاستطراد في الخيال؟
إنه يستطيع، لكنني فقط لم أكن أبذل الجهد الكافي في تسخير كل ما لدي من كلمات، و تشبيهات لأخرجه بنفس روعة الكلمات الحزينة التي أكتبها

لكن.. ألن أكون جاحدة جدا؟ أن أنسب الفضل في كل هذا لنفسي؟
في الواقع، فإن كل شخص أسعدني في هذا العام قد أثر فيّ كثيرا، و خاصة ما فعله أصدقائي لذكرى مولدي

هل تعلم ما هو تأثير أن تعتقد أن لا شئ على الإطلاق قد يستطيع إسعادك، لكن من حولك يثبتون لك العكس بإسعادك؟
إن عدد المرات التي اكتشفت فيها أنني كنت مخطئة بهذا الظن جعلني أفكر مليا في تحطيم أساطير الكآبة التي عشت بها طوال عمري
لا أتوقع من الجميع أن يفهم طبيعة هذا التأثير الذي حدث بي، لكن دعوني أقول أن كل شخصا قد أسعدني كان في الواقع يصنع شرخا صغيرا في السد الذي وضعته لنفسي في وجه السعادة الحقيقية.. حتى انهار، أو أوشك على الانهيار

كنت أفشل في الشعور بالسعادة، و لكن..
كل ما أريد قوله فقط أنه عندما يفشل الإنسان في شئ.. فذلك ليس لأنه لا يستطيع.. بل لأنه لا يريد.. ليس بالقدر الكافي.